" كانت أنثى ....حتى دخلت هندسة "مقال ....سامى العربى
== ربما حين تطالع هذا العنوان .. تعتقد لأول وهلة أنه يتعلق بحادثة اعتداء تمت على طالبة كانت أنثى فى مراحل التعليم الإبتدائى والإعدادى والثانوي حتى التحقت بكلية الهندسة ..وذلك بالإغتصاب أو بموقف تحرش حدث لها أو ما إلى ذلك مما قد تثيره بخاطرك كلمات هذا العنوان ..إلا أننى أقول لك تمهل فى تخمين ما وراء هذا العنوان حتى نهاية المقال حتى تعرف المعنى المراد من تلك الكلمات.
(( ذكريات من زمن فات ))
== منذ أكثر من 10 سنوات وأنا لم أعش جو موسم الثانوية العامة (هكذا يسمونه عندنا فى مصر ) ولا حرقة الأعصاب التى يكون عليها الآباء والأمهات من جراء حرصهم على أبنائهم فى أن يحصلوا مجموعا يليق بكليات ما تسمى بالقمة ( أكره كثيرا هذا التسمية العنصرية )..بعضهم يريدونه طبيبا وبعضهم مهندسا وبعضهم وبعضهم ..إلا أننى هذا العام وللأسف تذكرت هذه الأجواء العصيبة التى قد تودى بالبعض إلى أمراض عافاكم الله منها ( كالضغط و السكر وغيرها ) وبالبعض إلى الوفاة والعياذ بالله ...والسبب فى معاودة تلك المشاعر المتقلبة هو أن ابنة أخى الأكبر أنهت هذا العام مرحلة الثانوية العامة ..فكنت ومن أول يوم لها فى الإمتحانات أتابع أحوالها مع المواد محاولا تقديم النصح والعون لها قبل الإمتحان .. والتهدئة النفسية والعصبية بعده... لتلتقط أنفاسها قبل مجئ موعد الإمتحان التالى له ..حتى لا يؤثر السابق على اللاحق ...إلى أن انتهت الإمتحانات والحمد لله ...
(( استمرار المعاناة ))
== فهل بنهاية الإمتحانات تكون الأمور قد استقرت ..؟؟ كلا وألف كلا ...ننتقل إلى مرحلة تصعيدية من فوران الأعصاب ألا وهى مرحلة انتظار النتيجة ..وما أدراك ما انتظار النتيجة ..تتلاعب بك المواقع الإلكترونية ...فهذا الموقع يقول لك انتظرونا غدا... وذاك يقول انتظرونا بعد قليل ..وذلك يقول الآن ..وما بين غد وبعد قليل والآن ..تحار أنت ثم لا تجد أيا من هذه الأخبار صحيحة ..وابنة أخى فى قمة التوتر ..ومن ثم انعكاسا على العبد الفقير ..
إلى أن جاء الفرج بعد إفطار أحد أيام شهر رمضان المعظم ...الحمد لله ..لقد علمنا النتيجة...هل انتهى الأمر ؟؟ ..لا ..بل ننتقل إلى مرحلة سحب استمارة النجاح من المدرسة الثانوية ومن ثم تسجيل رغبات التنسيق بموقع الحكومة المصرية ..وهنا كارثة حقيقية تتمثل فى الحيرة الشديدة بين الرغبة فى كلية وأخرى وجامعة وأخرى ...وما إذا كان المجموع يتيح لك هذه الرغبة وإمكانية الإلتحاق بها أم لا ...
(( التاتش المصرى ))
== وخلال هذه الفترة كلها وأنا أتابع كل المواقع الخاصة بالثانوية العامة والجامعات المصرية ..واشترك فى جروبات وصفحات التواصل الإجتماعى المتعلقة بذات الشأن لأتحرى المعلومات الخاصة بتنسيق الكليات وأى كلية أفضل وشروط الإلتحاق بهذه وتلك ...وأنا فى ظل هذا الإنشغال والإهتمام كله ... تجد بعض الطلاب المشتركين فى أحد الجروبات .. لابد وأن يضع التاتش المصري المميز بالسخرية والفكاهة والضحك ...فهذا يتندر بمجموعه.. وذاك ينكت على الطالبات ...وهذه تنعى حظها بمجموعها القليل بسخرية غاية فى الروعة ..وآخر يحمد الله على مجموعه الذى أدخله كلية الطب التى كان يحلم بها ...وأخرى سعيدة بكلية العلوم التى قالت لأمها أنها تمنتها منذ طفولتها ..
(( بنات هندسة .. رجالة بشنبات ))
== وبين هذه النكات المضحكة وجدت تعليقا مثيرا للفكاهة من أحدهم إذ أنه كتب ساخرا : " كانت أنثى ...حتى دخلت هندسة " ظللت وابنة أخى ( التى كانت تجلس إلى جوارى ) نضحك كثيرا حتى علت أصوات القهقهة فى البيت من شدة ما يحمله هذا التعليق من سخرية بتلك الفتاة التى كانت جميلة ومهندمة ( يقصد مهتمة بنفسها ومظهرها وجمالها ) فى مراحل ما قبل التعليم الجامعى وبصفة خاصة حتى دخلت كلية الهندسة ...نظرا لما لها من خصوصية فى الإهتمام بالحضور اليومى والمتابعة والمذاكرة والإنشغال عن الإهتمام بالمظهر لأنها لا تجد كما يقول أحدهم ( مش فاضية تهرش في قفاها ) ..بل التندر ببنات كلية الهندسة وصل إلى حد أن بعضهم يصف بنات الهندسة ب ( رجالة بشنبات ..) يقولون ( لو عاوز تشوف المزز طل طلة على بنات كلية الآداب ...و أوعى تروح هندسة هتلاقيهم رجالة بشنبات ) ..بالطبع هذه فكاهة مبالغ فيها ..إذ أن التعميم منطق ظالم خاصة فى مثل هذه المواقف ..فليس كل بنت دخلت هندسة لابد وأن تكون قبيجة أو ليست على قدر من الجمال ...بل هذا من شأن التاتش المصرى ( بس أوفر شوية ) ...
== أعتقد أن مغزى العنوان قد وضح الآن ...شكرا لك لاتمامك قراءة المقال حتى نهايته...وأتمنى ألا أكون قد اثقلت عليك بكثير كلامى عن هموم الثانوية العامة وثوران اعصاب ابنة أخى الأكبر ...ولعل النكتة اللطيفة الأخيرة قد خففت بعضا من هذا الشعور ..